news & views

Tuesday, November 08, 2005

تحالف الصادق والترابي: لمحة تاريخية

د. محمد سعيد القدال
الصحافة 6 نوفمبر 2005
التقى مؤخرا السيد الصادق المهدي والدكتور الترابي في تحالف جديد. ولسنا هنا بصدد تناول الدلالات السياسية لهذا التحالف، فهذا شأن آخر، ولكن نريد ان نستعرض التحالفات التي تمت بين الزعيمين خلال الحقب الاربع المنصرمة، منذ عام 1964، لعل هذا العرض يساعد على فهم التحالف الجديد وما يحمله للمستقبل.
«التحالف الاول»: كان اللقاء الاول للزعيمين بعد ثورة اكتوبر وكانا في بدايات العقد الرابع من العمر. ولعل ثورة اكتوبر من اهم المنعطفات في تاريخ السودان الحديث وشهدت زخما ثوريا فريدا في نوعه. وكانت اشرعة الناس تنفخ فيها رياح الآمال العراض، ولكن كان على الحزب الشيوعي ان يضع في اعتباره ان الحياة السياسية لا تسير فقط باندفاع الثورة وبدوره في ذلك الاندفاع. فتوازن القوى الذي مال لصالح الحزب الشيوعي ما كان له ان يستمر طويلا. فما زال للاحزاب الاخرى مؤيدون اضعاف ما للحزب الشيوعي. فعالجت الاحزاب ذلك الخلل بخطأ آخر. فسرعان ما كونت الجبهة الوطنية في مواجهة جبهة الهيئات التي فجرت الثورة وقادتها في مراحلها الاولى. «القدال، معالم في تاريخ الحزب الشيوعي ص 135 ـ 137» والنتيجة للموقفين ان الثورة لم تأخذ مدى انطلاقها الذي دفع الشباب دماءهم من اجله. ثم كانت انتخابات الخريجين التي اكتسحها الحزب الشيوعي «حصل هو ومن يؤيدهم على 11 مقعدا من 15» ثم كانت منافسة عبد الخالق لازهري في دائرة ام درمان الجنوبية حيث فاز ازهري بفارق الف صوت.. فتحولت الجبهة الوطنية الى حلف لمواجهة الحزب الشيوعي في صعوده الجماهيري. فكان ذلك التحالف سلبيا.
«التحالف الثاني» وقف الصادق المهدي والترابي وقفة كبرى في معركة حل الحزب الشيوعي ولعل قضية حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان من اخطر القضايا التي مرت بها التجربة الديمقراطية في البلاد ان لم تكن اخطرها.
ولا نقول هذا من اجل النواح والبكاء على الاطلال. ولكن لان الحادثة كانت طعنة نجلاء في كبد النظام الديمقراطي. فالدستور والانتخابات والبرلمان اصبحت مجرد ديكور يمكن الاستغناء عنهم من اجل المكاسب الحزبية الضيقة. فانفتح الباب امام قوى اخرى لتعبث بالنظام الديمقراطي اللبرالي، وما لها لا تعبث به اذا عبثت به الاحزاب ذات المصلحة في بقائه.
الامرالثاني ان المعركة ادخلت الدين في المعترك السياسي بطريقة فجة. فاطلقت العنان للهوس الديني الذي اكتوى به القريب والبعيد. كتب عبد الخالق يقول: ان القوى الاجتماعية التي شهرت سلاح الدين هي وليدة العنف البرجوازي. وقد ظلت تلك القوى راضية عن الاستقرار العسكري في عهد عبود، وبعد ثورة اكتوبر شكلت تلك القوى مع قوى التخلف والساسة الانتهازيين جبهة واحدة ضد الثورة ودخلت في حلف مقدس لا يستهدف فقط منع التحول الثوري، بل ايضا مواصلة السير في طريق التطور الرأسمالي. فامتشقت تلك القوى سلاح الالحاد.
وبرز الشعار بعد انتصار ثورة اكتوبر مباشرة فكانت الخطب الملتهبة التي اطلقها الصادق المهدي ونصر الدين السيد في اجتماع شعبي في حي المهدية ضد الشيوعيين هي الضوء الاخضر لسيل متدفق من الحملة تحت اسم الاسلام في وجه الخطر الشيوعي كما صور للناس «القدال، معالم، ص 151 ـ 153»
ادرك الحزب الشيوعي خطورة الدجل الديني في السياسة.. فجاء في تقرير المؤتمر الرابع للحزب عام 1967 ما يلي: علينا ان نقر ان السلاح الفكري للثورة المضادة واتجاهاتها الدائمة لفرض العنف على حركة الثورة، تسير دائما تحت مظلة التهريج والدجل باسم الدين. وفي مواجهة هذا الموقف لا يكفي الاقتناع بالدفاع عن الحياة السياسية العلمانية وفصل الدين عن السياسة فمن اجل مواجهة الخطرالمستمر من الهجوم الفكري يصبح لزاما على الحزب الشيوعي ان ينمي خطه الدعائي حول قضية الدين الاسلامي وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي. وان يدخل بين الجماهير لا بصفته داعية للنضال السياسي بل كقوة فكرية تتصدى لهذا الخطر وتواجهه بخط يضع الدين في مكانه بين حركة الشعوب «الماركسية وقضايا الثورة السودانية ص 168 ـ 170»
الامر الثالث ان الاحزاب لم تدرك ان الديمقراطية اللبرالية لها منابر غير الانتخابات البرلمانية مثل النقابات والصحافة والليالي السياسية وفوق كل ذلك المقدرة على الافصاح فخاض الحزب المعركة بكل طاقته لكسر اندفاعها ثم رفع قضية دستورية وكانت تلك معركة اخرى.
ولم يمض حل الحزب الشيوعي دون ان يكون له ردود افعال متباينة اتخذ بعضها طابعا دراميا عندما اقدم شاب في مدينة مدني بحرق نفسه احتجاجا على قرارالحل. والمهم ليس صحة قرار الشاب المهم السلوك الانتحاري لذلك الشاب الذي عبر فيه عن اعنف تعبير عندما يضحى الانسان باغلى ما يملك.
وجاء ردالفعل العقلاني من حسن بابكر نائب الحزب الوطني الاتحادي عن الدائرة 3 فقال مخاطبا نواب البرلمان: رجائي ان تتركوا الحماس جانبا وتحموا الديمقراطية التي عادت الينا بعد تضحيات لم نبذل مثلها في معركة الاستقلال. فتأكدوا انها ستنزع برمتها منكم كما انتزعت في الماضي.. ولا اريد ان اسجل حربا على الديمقراطية فخير لابنائي ان يدفنوني شهيدا من شهداء الديمقراطية بدلا من ان اعيش في عهد وأد الديمقراطية.
ولعل العم امين التوم عطر الله رمسه، السياسي الوحيد الذي لم تأخذه العزة بالاثم فقال: اما تعديل الدستور وتحريم الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان بتلك السرعة وبتلك العجلة فامر ارى ان تعجلا مضرا حدث بمقتضاه. «امين التوم ذكريات ومواقف»
اما الصادق المهدي فالتعليق الوحيد الذي وقفت عليه هو الحديث الذي ادلى به لمجلة طلاب جامعة الخرطوم عام 1985 فقال «ما حدث كان انفعالاً.. ان الذي حدث في موضوع حل الحزب الشيوعي كان موقفا سياسيا غير محسوب نتج عن موقف انفعالي.. ان حديث الطالب في معهد المعلمين فجر المشاعر.. وان مثل الذي حدث قد يتكرر» وهذا الحديث مليء بالمغالطات. فوصف الذي حدث بانه انفعال غير صحيح، لان الانفعال لا يستمر لاسابيع من 9نوفمبر الى 7 ديسمبر كما ان الانفعال لا يكون ضد حزب سياسي لم يصدر منه ما يسيء لعقائد المجتمع وتراثه وانما ضد الشخص الذي فجر ذلك الانفعال. والقول بأن الموقف غير محسوب يتعارض مع كل الخطوات المحسوبة التي اتخذتها الاحزاب. كما ان الاحزاب التي تدير شئون البلد لا تمضي دون ان تحسب خطوها. والتهديد بتكرارالحدث مرة اخرى حديث من باب حفظ ماء الوجه. واذا كان السيد الصادق فوق النقد لانه اصبح اماما فهذا شأنه ولكن الصراع السياسي فوق الافراد وفوق الامامة.
اما الترابي فكان اكثر وضوحا في الدفاع عن ذلك الموقف فاصدر كتابا في يناير 1968 بعنوان «اضواء على المشكلة الدستورية: بحث قانوني مبسط حول مشروعية حل الحزب الشيوعي» وتولت المطبعة الحكومية في الخرطوم طباعته وسوف نتناول محتواه عند مناقشة القضية الدستورية. وادرك الاستاذ محمود محمد طه اضطراب الكتاب، فالف كتابا في الرد عليه بعنوان «زعيم جبهة الميثاق الاسلامية في ميزان: الثقافة الغربية ـ الاسلام. اضواء على المشكلة الدستورية. وقال: ان الكتاب من حيث هو فلا قيمة له ولا خطر منه لانه متهافت ولانه سطحي، ولانه ينضح بالغرض ويتسم بقلة الذكاء الفطري.
كان ذلك هو التحالف الثاني. ونتناول في الحلقة القادمة التحالفات الاخرى.

Monday, November 07, 2005

للتاريخ: استقالة الراحل الخاتم عدلان و رفاقه من الحزب الشيوعي السوداني

رؤية فكرية و سياسية جديدة
فعالية سياسية ديمقراطية واسعة
أدوات نضالية حاسمة•
نعلن نحن، الموقعون أدناه استقالتنا عن الحزب الشيوعي السوداني لتصبح سارية منذ هذه اللحظة. لقد عرفنا بالإنتماء إلى الحزب الشويعي السوداني طوال العقود الثلاثة الماضية و اخترناه مهدا و منفذا لفعالياتنا الفكرية و السياسية و الإجتماعية، و بذلنا من أجل إبلاغ رسالته، و بسط رؤاه و التبشير ببرامجه، و توسيع نفوذه، و تنفيذ سياساته كل ما توفر لدينا من طاقة ذهنية و جسدية و قد أخذ هذا الإنتماء منا بجماع العقول و شغاف الأفئدة و خالط من العصب و النخاع و لم نكن في كل ذلك نتوخى مصلحة شخصية أو منفعة خاصة و لم نتخذ الحزب مطية لأهداف نتطلع إليها• انتمينا إلى الحزب الشيوعي السوداني لأننا رأينا في مشروعه النظري-الماركسية اللينينية-تفسيرا عميقا لظواهر الكون و الفكر و المجتمع و رأينا في برنامجه السياسي حلولا لقضايا شعبنا و رأينا في بنيته التنظيمية و أساليبه العملية أداة مناسبة لتقديم مساهماتنا المتواضعة في خدمة شعبنا و لذلك كان انتماؤنا إليه عميقا و كاملا.• و لكننا نعود اليوم، لنعلن بوضوح كامل أمام النفس و أمام الآخرين أن الحزب لم يعد يمثل لدينا شيئا من ذلك. و لذلك نتركه، كما دخلناه، بصدق كامل مع الذات. و نفعل ذلك دون ندامة، و لكن ليس دون حزن. و هذا على كل حال يخصنا وحدنا. إننا لا نريد أن نوحي، لا من قريب و لا من بعيد أننا كنا ضحايا خداع نظري أو سياسي، بل يتعلق الأمر بظاهرة مفهومة في إطار الفكر و الوجودج الإجتماعيين، و هي فقدان نظرية إجتماعية ما لحقيقيتها من خلال تغيرات الواقع الذي كانت تعبر عنه، و عجز حزب من الأحزاب عن الإستجابة لتحديات أكبر منه.• إننا لا نستطع في هذا الحيز المحدود، و في هذه المناسبة الإعلانية أن نوضح أسبابنا للإستقالة من الحزب الشيوعي السوداني، بدرجة كافية من التفصيل، و لكننا سنكتفي بالإشارة إليها بإقتضاب، على أن نعود للخوض فيها تفصيلا في كتاباتنا و مخاطباتنا و منشوراتنا القادمة. و نطرح ذلك على مستويين: مستوى النظرية الماركسية برامج و ممارسة و مواقف الحزب الشيوعي السوداني.إنهيار المشروع الماركسي للتغيير الإجتماعي(أ‌) لقد توصلنا من خلال البحث المضني و التأمل المتصل، إلى أن المشروع الماركسي للتغيير الإجتماعي قد إنهار تماما و لم يحدث ذلك بين عشية و ضحاها بل حدث نتيجة تطورات فكرية و سياسية و إجتماعية إمتدت لأكثر من قرن، لكنها تعاظمت على وجه الخصوص منذ خمسينات و ستينات هذا القرن• و يعرف الناس أن هذا المشروع يتعلق ببناء المجتمع الشيوعي، حيث تزول الطبقات و ينتفي إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، و تلغى جميع إحتياجات الأفراد و تتفتح الفرص للنمو الشامل و اللا محدود للفرد و المجتمع.• تنفذ هذا المشروع البروليتاريا الصناعية، الطبقة الثورية حتى النهاية، و التي ترشحها كل الظروف الموضوعية و الذاتية للقيام بالثورة الإجتماعية الأخيرة و بناء الإشتراكية ثم الشيوعية، حيث يبدا التأريخ الحقيقي للإنسانية.• و تصعد البروليتاريا نحو تحقيق هذا الهدف من خلال إستقطاب طبقي بينها و بين البرجوازية، تتفاقم أثناءه تناقضاتها الأخيرة فتصبح عاجزة عن إدارة المجتمع و تسيير دفة الحكم، و يهجرها أكثر ابنائها ذكاء و بعد نظر، و يصبح العيش تحت ظلها مستحيلا، بينما تزداد قوة البروليتاريا، و تذوب الطبقات الوسطى فتلحق بصفوفها، فتفرض هيمنتها الكاملة و تسدد ضربتها القاضية و تستلم السلطة و تقيم دكتاتوريتها.• إن ما حدث خلال مائة و خمسين عاما، هي عمر المشروع الماركسي، هو النقيض المباشر لهذا التصور. فالإستقطاب التناحري الذي لا يحل إلا بالثورة الإشتراكية لم يحدث في أي من البلدان الرأسمالية المتقدمة. فلا البروليتاريا اختارت الثورة، و لا البرجوازية اختارت المواجهة حتى الموت، و ذلك رغم كل العنف الذي إتسمت به الصراعات التي نشبت بينهما. بل وجدت الطبقتان وسائل "للمساومة التأريخية" و أساليب لحل النزاعات تسمح بوجودهما جنبا إلى جنب، رغم الصراع الدائم بينهما. و قد حدثت تغيرات هائلة من خلال هذه المساومة التأريخية فأعيدت صياغة هذه المجتمعات بصورة لا تستوعبها التبسيطات الماركسية.• لم تذب الطبقات الوسيطة بل صارت في جميع الأقطار المتقدمة، أغلبية المجتمع و تراوحت أعدادها ما بين السبعين و الثمانين بالمائة من القوة العاملة في حين تضاءلت أعداد البروليتاريا بحيث أصبحت لا تزيد عن 17% من القوى العاملة، و 12% في بعض هذه المجتمعات كما إنخفضت أعداد الحليف الإقتصادي للبروليتاريا، المزراعين، لتصبح ما بين 5% و 2% من القوى العاملة، بحيث أن أي حلف بين الطبقتين، حتى و أن شمل جميع المنتمين إليهما لا يزيد عن خمس القوى العاملة، مع إن ماركس و لينين كانا يشيران إليهما بإعتبارهما تسعة أعشار المجتمع.• و لنضرب على ذلك مثلا واحدا، ففي الولايات المتحدة خلقت 18,1 مليون وظيفة في العقد 1982-1992 كان توزيعها كالتالي:1. 284 ألف عاملا صناعيا (من ذوي الياقات الزرقاء) أي بنسبة 1,5% تقريبا.2. 6,3 مليون من المدراء و الفنيين و المهنيين أي بنسبة 35% تقريبا3. 5,4 مليون من موظفي المبيعات و الكتبة و كوادر الدعم الإدارية و الفنية أي بنسبة 30% تقريباو هذه الأرقام تتحدث عن نفسها• إن الأسباب التي أدت إلى هذه الظواهر يمكن إجمالها فيما يلي:1. إنفجار ثورة العلم و التقنية2. الإزدياد الهائل في إنتاجية العمل الإنساني3. إنتقال الإنتاجية من اليد إلى الدماغ• و هذا يعني ببساطة أن البروليتاريا لم تعد القوة المنتجة الرئيسية، ولا القطب الرئيسي في الصراع الإجتماعي، و لم يعد نفوذها هو النفوذ الحاسم بل ظل يضمحل بإستمرار، و لم تعد هي حاملة رسالة الخلاص الإنساني. و على هذا المستوى فقد إنهار المشروع الماركسي.(ب‌) اتضح-من خضم هذه التطورات- القصور الفادح للنظرية الماركسية حول القيمة، فقد تعاملت هذه النظرية مع كل أنواع العمل الماهر و الخلاق بإعتبارهما قابلة للقياس على أساس العمل غير الماهر. بمعنى أن العمل الماهر و الخلاق ليس سوى ساعات عمل أكثر من العمل غير الماهر، و بذلك فشلت هذه النظرية في فهم الطبيعة المختلفة نوعيا للفعالية الإنسانية الفكرية و العلمية و النظرية المتقدمة، و ما دامت هذه الفعالية قد أصبحت هي الطابع العام للعمل الإنساني، و ستصبح أكثر غلبة في المستقبل فإن الماركسية سيزداد عجزها بإطراد عن فهم المجتمع المعاصر ولا تعود تنطبق إلا على أقل الفعاليات الإنسانية مهارة و أكثرها بدائية.(ت‌) أعطت الماركسية للفكر مكانا ثانويا و حولته إلى "البناء الفوقي" مع أن أية فعالية إنسانية لا يمكن تصورها إلا كتنفيذ لمشروع نظري. كما أن العلم هو في الأساس فعالية فكرية. و إذا شئنا أن نتحدث لمصلحة التصنيف الإجتماعي، عن بنية تحتية و أخرى فوقية فإننا نضع الفكر كمكون أساسي فيهما كليهما مع التمييز بين أنواع الأفكار. و نصل بذلك إلى بنية معقدة و ليس إلى علاقات مباشرة.(ث‌) إذا كان إنهيار المشروع الماركسي يجد أمثلته الصارخة في المجتمعات المتقمة، فإن المجتمعات المتخلفة تقدم أمثلة لا تقل عمقا. فالبروليتاريا في هذه البلدان لم تكتسب من الأهمية و لم تبلغ من النفوذ يوما ما بلغته في البلدان المتقدمة. و ليس منظورا أن تبلغ ذلك في المستقبل، لأن هذه المجتمعات لن تتقدم إلا بالإستناد إلى آخر ما توصل إليه العلم و التقنيةو بالطبع فإن إكتشاف خطل نظرية ما في حيز فكري أو جغرافي أو إجتماعي معين، لا يجعل ذلك الخطل ظاهرة محصورة في ذلك الحيز.و نحن لا نقول بأن الماركسية قد تم نفيها نفيا كليا، فمثل هذه الظاهرة نادرة في تأريخ الأفكار. إن الماركسية ما تزال تحتوي على أفكار عميقة و صالحة لفهم بعض ظواهر المجتمع البشري، و هي قد أدت خدمات جليلة للبشرية، بتوضيحها أن المجتمعات يمكن إخضاعها للدراسة و الوصول إلى قوانين تطورها و تسييرها، من خلال الإرادة الحرة لأفرادها، نحو غايات نبيلة، و لو إنحصرت مساهمة ماركس -و هي لم تنحصر في هذا وحده لأحتل مكانه المشروع وسط القائمة الطويلة للمفكرين الإجتماعيين العظام في تأريخ البشرية.إننا لا نريد أن نضع ماركس على راسه، كما قال أنه فعل مع هيجل، بل نريد فقط أن نضعهما معا، على جنبيهما، شأن كل الموتى.الحزب الشيوعي السوداني• خلال ما يقارب نصف القرن فشل الحزب الشيوعي في أن يصبح قوة سياسية ذات شأن. و فشل في وجه التحديد في تحقيق شعره "اجعلوا من الحزب الشيوعي قوة إجتماعية كبرى" و لم يفشل الحزب الشيوعي في ذلك لأسباب عابرة بل لعوامل تتعلق بتكوينه: نظرية، و برنامجا سياسيا، و بنية تنظيمية و مناهج قيادية. و مع إن مسيرة الحزب قد سجلت صعودا كبيرا خاصة إبان الإستقلال و بعد أكتوبر و حتى بداية التسعينات إلا أن هذه المسيرة قد سجلت خطا هابطا بإستمرار منذ تلك الفترة و حتى اليوم.• فشل الحزب في بناء حلف وطني من القوى الحديثة، و بالرغم من أن تلك القوى اتجهت إليه، إلا أنها انفضت من حوله تدريجيا لأنه إعتمد السيطرة بدلا من التحالف، و إحكام القبضة بدلا من التفاعل الحر. و اختار أن يحتفظ لهذه القوى بوجود يتسم بأقصى درجات التشرزم و الشتات خوفا من منافستها له في المجالات التي يعتبرها حكرا عليه.• لم يستطع الحزب أن يطور برامجه لإستيعاب القضايا المعقدة للتركيبة السودانية العصية. و قد حدث ذلك بالرغم من أنه بدا بداية متقدمة، مستندا إلى إرث نظري عالمي، فلم يطور الحزب خطابا، أو يجد لغة مشتركة بينه و بين قبائل السودان و قومياته المختلفة، و ظل وجوده ضيقا و محصورا. فهو إزاء الجنوبيين حزب للشماليين، و إزاء الريف حزب للمدينة و إزاء المرأة حزب للرجال، و إزاء الطبقات الأخرى هو حزب للطبقة العاملة، مع إن نفوذه وسط هذه الطبقة نفسها قد تقلص حتى اقترب من نقطة الصفر.• فشل الحزب في سياساته إزاء القوات النظامية و حدث ذلك في نفس الوقت الذي عمدت فيه القوى المعادية للديمقراطية و على رأسها الجبهة الإسلامية القومية إلى بناء مراكز منيعة داخل هذه القوات و قد أدى هذا في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالديمقراطية• مقدرة الحزب على الدفاع حتى عن نفسه و رد العنف الموجه إلى أعضائه و قادته، دع عنك العنف الموجه إلى الحركة الشعبية، تكاد تكون معدومة، منذ 22 يوليو 1971 و حتى اليوم. و هذا الواقع قد أغرى به أعدائه فأوسعوا أعضاءه ضربا و تعذيبا و قتلا على قارعة الطريق و في بيوت الأشباح. دون أن يخشوا أي عقاب مهما كان. و لكن ذلك لم يمنع قيادته من رفع الشعارات و التهديدات حول الثأر للشهداء و حول دماء الشيوعيين التي لن تتحول إلى ماء.• إتسم خط الحزب السياسي بالزيلية و التبعية و خفوت الصوت و خطه الإعلامي بالعقم و خزينته بالخواء. و إذا كانت هذه هي مصادر القوة الرئيسية لدى أي منظمة سياسية فيمكن الحكم على الحزب على اساسها.• و لكن النقطة الأكثر تدنيا في مسيرة الحزب الشيوعي السوداني تمثلت في فشله الذريع في التصدي لإنقلاب الجبهة الإسلامية القومية في يونيو 1989، فقد توفرت لقيادة الحزب معلومات موثوقة حول التخطيط للإنقلاب، و الأسلحة التي سينطلق منها، و بعض أسماء قادته، و توقيته على وجه التقريب، توفرت هذه المعلومات الخطيرة لقيادة الحزب الشيوعي فلم تعلن حالة الطوارئ داخل صفوف الحزب، لم تدعو هيئاته و فروعه للإجتماعات الطارئة، لم تطرح أمامها كل المعلومات المتوفرة لديها حول الإنقلاب، لم تطرح عليها الخطط المحددة لمواجهته و هزيمته، لم تعلن التعبئة العامة في الشارع السياسي، لم تبصر الشعب بالخطر الداهم و كيفية مواجهته، لم تدع التجمع الوطني و تخاطبه على أعلى المستويات، لم تضع الجميع أمام مسئولياتهم المنصوص عليها في ميثاق الدفاع عن الديمقراطية.• لم تفعل قيادة الحزب شيئا من ذلك، مع إنها لو فعلت لتمكنت من سحق الإنقلاب في مهده، لأن سحق الإنقلابات لا يحتاج إلى قوة عسكرية مكافئة بل يحتاج إلى إلغاء الشرط الأساسي لنجاحه و هو السرية.• و بدلا من ذلك اختارت قيادة الحزب أسلوبا أمنته بطول الممارسة، هو أسلوب "البلاغات" العادية التي نقلتها إلى مدير الغستخبارات و إلى وزير واحد في الحكومة. و فعلت ذلك و هي تتوهم أنها تمارس نوعا من السياسة العليا، لا تكشف أسرارها لرجرجة الحزب و دهماء الشعب.• إن قيادة الحزب بمسلكها هذا مسئولة أكثر ممن عداها عن نجاح الإنقلاب، بحكم دقة معلوماتها، و بحكم إستبانتها للخطر الماحق الذي تمثله الجبهة الإسلامية على حزبها بالذات.• إن المبادئ الغائبة في مسلك قيادة الحزب هي المسئولية تجاه قاعدتها و تجاه شعبها و تجاه النظام الديمقراطي، أما الظواهر البادية للعيان فهي العجز، و قصور التصورات و الكيفية المتأصلة من المواجهة المباشرة العنيفة مع الجبهة الإسلامية.• و قد إستبان هذا العجز و القصور بعد نجاح الإنقلاب إذ أحجم الحزب خلال أكثر من خمس سنوات من عمر الديكتاتورية عن تبني و نشر تقييم متكامل للسلطة، و رسم تكتيكات فعالة لمواجهتها و إسقاطها و أدار الحزب ظهره –بكثير من الخبث و المرواغة للاسلوب الوحيد الذي يمكن أن يقشع ظلمات الليل المخيم على أهل السودان و يؤدي إلى كسر الجبهة الإسلامية و قصم ظهرها في النهاية.• إن البنية الحزبية القائمة على المركزية المطلقة، المسماة ديمقراطية على سبيل السخرية، لم يكن من الممكن أن تورد الحزب إلى غير موارد الهلاك. فقد إنفردت القيادة الضيقة و الأوتوقراطية، بكل قرار وطني هام، و لم تطرح على عضوية الحزب اية خيارات سياسية يختار واحدا من بينها منذ أغسطس 1970. فالذي ينشر على الأعضاء هو "وثائق" على درجة من العمومية بحيث يمكن بالإستناد إليها تبني هذا الموقف السياسي و نقيضه.• إن قيادة الحزب الحالية فقدت شرعيتها لأسباب لا حصر لها: فالمؤتمر الأخير الذي أنتخب اللجنة المركزية عقد قبل سبعة و عشرين عام في 1967. و قد انتخبها لدورة طولها سنتين! و قد فقدت هذه اللجنة 80& من عضويتها بفعل الإنقسام و الموت و المرض و الشيخوخة، و لا تملك هذه القيادة نية أو خطة لتجديد ذاتها.• نتيجة لهذه الأوضاع المعبرة عن الإفلاس التام هجر صفوف الحزب ما لا يقل عن نصف أعضائه منذ إستيلاء الجبهة الإسلامية على الحكم، و يهم بمغادرة صفوفه حاليا كل أولئك الباحثون عن فعالية سياسية حقيقية.• مع إن الحزب استشعر عمق أزمته و افتتح في أغسطس 1991 مناقشة عامة حول أوضاعه إلا أن هذه المناقشة قد أجهضت تماما. فالحزب بحكم عيوبه التكوينية لا يتسع للراي الآخر، و يعتبره ناتجا عن إختراق الأعداء لبنية الحزب و ترويجهم لفكر "غريب" يمثل مصالح الطبقات غير البروليتارية! و لذلك فإن الراي الآخر لا يظهر إلا كنوع من التآمر، ولا يعبر عن نفسه إلا عن طريق الإنفجار. بالإضافة إلى ذلك فإن الحزب لا يتوفر داخله إلمام مناسب لا بالماركسية التي يجري تقييمها، و لا بالمتغيرات التي تقيم على اساسها. و لذلك يلجأ الناس إلى منطقة الآمان و يهابون الغوص إلى الأعماق، و ينكمشون على أنفسهم مدافعين عن وجودهم بالإنكفاء على الذات و تتضاءل إتباات النمو و الإتساع و يتم الإعداد لبيات سياسي طويل. و قد عبر أحد القادة عن ذلك تعبيرا فاجعا حين قال إن خروج أكثر من تسعين بالمائة من عضوية الحزب لا يؤثر على وجوده أو فعاليته.• إن المناقشة العامة تجري في أجواء هزيمة وطنية، و في وجود سلطة فاشية تهم بإقتلاع جذور الحزب مما يجعل الرؤية تختلط لديه فلا يميز بين فأس القصاب و مبضع الطبيب.• المهم أن المناقشة العامة أجهضت و أصبحت نتائجها معروفة مسبقا، و هي تكريس الأوضاع الحالية للحزب مع إجراء بعض الإصلاحات الشكلية التي لا تمس الجوهروهذا بالضبط ما حدا بنا لإتخاذ الموقف الحاليمن نحن و ماذا نريد؟• إننا لا نخرج من الحزب الشيوعي السوداني هربا من فعالية سياسية اتضح لنا أنها أكبر من طاقاتنا..كلا. فالحزب الشيوعي قد تحول إلى معتقل حقيقي لكل فهالية يؤبه لها. إننا نخرج منه بحثا عن فعالية لم نجدها في صفوفه.• إننا نرى شعبنا يتعرض إلى الفناء..بفعل الحرب، و المجاعة.. و القهر الذي لا يعرف الحدود، و المواجهات غير المتكافئة التي تخوضها جماهير عزلاء من السلاح ضد سلطة مدججة بالسلاح حتى أسنانها، و لا تتورع عن إستخدامه ضد الطفل و الشيخ و المرأة، كما تستخدمه ضد المقاتلين الأبطال الذي يواجهونها في ميادين المعارك.. و هي تفعل ذلك لأنها ليست لديها أية أوهام حول إنها لن تتبق في السلطة ليوم واحد دون القمع، و المزيد منه، و القتل و المزيد منه و الإبادة و المزيد منها.• و نرى بلادنا و هي تتفتت أمام أعيننا كفعل مباشر لإقامة الدولة الدينية بكل ما تعنيه من الإستعلاء و التعصب و الهوس الديني و الطغيان. إن بلادنا المتميزة بتركيبتها المعقدة، و بتعددها القومي و الديني و الثقافي و السياسي، لا يمكن أن تعيش تحت ظل سلطة دينية بأي شكل من الأشكال و بأية صيغة من الصيغ. و قد جاءت محنة الجبهة الإسلامية لتثبت هذه الحقيقة الجوهرية لكل من يرى و لكل من يسمع، و لكل من ينظر إلى شئون الشعب و الوطن من مواقع المسئولية.• إننا نرى بلادنا و هي تدور في حلقة مفلاغة، و نلتف حول عنقها أنشوطة شريرة منذ إستقلالها و حتى اليوم، تتراوح بين الحكم العسكري الديكتاتوري و الحكم المدني العاجز عن حل كل قضية جوهرية. نرى التخلف الإقتصادي المريع بل الدمار الشامل الذي قضى على القليل الذي اشاده شعبنا بالعرق و الدماء. كما نرى المظالم الفادحة التي تعرض لها الاقليات و القوميات و الأقالين المختلفة.• نرى كل ذلك و نقارنه بما يحدث في العالم من حولنا، إذ تنهض أمم عديد من ربقة التخلف و من ثبات القرون لتبني في بضعة عقود، بناءا إقتصاديا جبارا، و نهضة إجتماعية باهرة، تعود على شعوبها بالتقدم و الرفاه و السعادة، و تدفع بها إلى الصفو الأمامية كمشارك أصيل في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة. و نحن نعلم أن شعبنا ليس من حقه فحسب أن يبني نهضته الوطنية الشاملة، و يحقق تكامله القومي و وحدته الوطنية، و ينعم بالعدالة الإجتماعية و السعادة، بل نعلم أن في مقدوره أن يفعل ذلك.• إننا نؤمن أن السياسة ليست سوى حلول ناجعة لقضايا ماثلة تواجهها الشعوب... لم تعد السياسة بالنسبة إلينا مشروعات شمولية تتوهم أنها تقدم حلولا سحرية لكل المشاكل المقصورة التي يمكن أن تواجهها البشرية في الحاضر و في المستقبل... مثل هذه التصورات الشمولية مضى زمانها. و هذا لا يعني أن السياسة لا تمارس في إطار قيم كلية تمثل مرجعية فكرية و أخلاقية بدونها تصبح الممارسة السياسية ميكيافيلية خالصة.• إننا في بحثنا عن إنتماء سياسي جديد ننطلق من إنتمائنا القديم إلى شعبنا... ننطلق من التحديات المهددة للوجود و المزلزلة للكينونة التي يواجهها حاليا... و نسعى إلى توفير الشروط الضرورية لنهضةته الوطنية، و نستند إلى طاقاته المتجددة التي نعلم أنها لا تنفد.• إننا نؤسس لفعالية سياسية جديدة بعد خمس سنوات لحكم الجبهة القومية الإسلامية، خمس سنوات إضطلعت فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان، و الجيش الشعبي لتحرير السودان بالعبء الأساسي في مواجهة السلطة الفاشية و قدمت التضحيات الجسيمة في تلك المواجهة القاسية. إننا إذ نحي بطولة ذلك الجيش و تلك الحركة، تمتلئ جوانحنا بالغضب و يستفز حسنا العدالة من جراء عجز الحركة السياسية في الشمال، ممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي، عند تنفيذ مقتضيات الميثاق الذي اعتمد كل أشكال النضال. و لا يخالجنا الشك أن الصورة كانت ستختلف تماما لو أخذ التجمع إلتزاماته مأخذ الجد. و نعلم علم اليقين أن الصورة ستختلف جذريا إذا برزت قوة حقيقية تنفذ الميثاق، و تلتقي مع الحركة الشعبية في أخوة نضالية واسعة مسرحها السودان كله و هدفها تحرير جميع أراضيه، و بناء سودان جديد على أنقاض الدولة الدينية التي ستنهار مرة و إلى الأبد.• إن بروز مثل هذه القوة هو أولويتنا السياسية المطلقة.• إن المبادئ الأساسية التي تنشأ على أساسها هذه الحركة هي التالية: العدالة الإجتماعية الشاملة بأبعادها الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية. فصل الدين عن الدولة و الحزب عن الطائفة، و تقوية مؤسسات المجتمع المدني و حمايتها من الإجتياح السلطوي، و صيانة حقوق الإنسان، و الإنطلاق من حقيقة أن قضايا الإجتماع و السياسة هي قضايا إنسانية و ليست دينية، و أنه لا يوجد برنامج سياسي مقدس، أو يمثل الإرادة الإلهية، و أن شرعية أي برنامج لا تنبع من أي مصدر آخر غير الشعب، و منع قيام الأحزاب الدينية بنفس القدر و بنفس المبدأ الذي يمنع قيام الأحزاب على اسس عنصرية. إن هذا يناى بالدين حلبة الصراعات السياسية التي تفرق أصحاب الديانة الواحدة، و يحفظ له قدسيته، كما ينأى بالسياسة أن تصبح صراعا عقيديا لا يحل إلا بإفناء أحد الطرفين بواسطة الطرف الآخر أو إخضاعه كليا، مما يؤدي بالضرورة، و في كل الحالات إلى نشؤ حكم ديكتاتوري فاشي كالذي نشهد اليوم في السودان. و هذا لا يعني أن السياسيين لن يستلهموا قيمهم الدينية في رسم برامجهم و تحديد مواقفهم.. و لكن هذا الإستلهام سيكون قابلا للخطأ و الصواب و هو بذلك أبعد ما يكون عن القداسة. إن فصل الدين عن الدولة، و الطائفة عن الحزب، هو الضمان الوحيد لقيام الحقوق على أساس المواطنة، و هي قاعدو نعتقد أنها محل إجماع وطني. إن هذا التصور الموجز هو ما نفهمه من العلمانية الديمقراطية كنظام سياسي، و كحقوق اساسية، و نعني الديمقراطية كغرث عالمي، و كنظام محدد و مؤسسات إبتدعتها التجربة الإنسانية و حددت قسماتها و حدودها بدقة كبيرة، فصارت مبادؤها العامة و أشكالها و محتواها معروفة و معترف بها. و هذا لا ينفي بالطبع أن كل شعب من الشعوب يضيف إليها و يغنيها بتجربته الخاصة. إننا نؤمن بحق تقرير المصير لجنوب السودان، و حق الأقليات القومية في حكم نفسها حكما ذاتيا، في دولة لا مركزية تحدد درجة لا مركزيتها من خلال إجماع قومي ديمقراطي، إن إيماننا بحق تقرير المصير لا ينفي أننا وحدويون مقتنعون أن وحدة السودان يمكن أن تجلب خيرا كثيرا لشعبه، و لكننا لا نقمط حق إخوتنا في الجنوب في أن يحددوا خياراتهم بحرية كاملة. إننا نؤمن بأن القوى القادرة على تحويل هذه المبادئ إلى برنامج محدد و واقع معاش، و إخراج السودان من محنته الحاضرة، و بناء مستقبله الواعد، و تحقيق مشروعه النهضوي، هي القوى الحديثة، قوى السودان الجديد، تتكون هذه القوى من المنتجين في القطاعات الحديثة من مثقفين و مزارعين و عمال، و من الأقليات القومية في الجنوب و الغرب و الشرق و الشمال، هذه الأقليات الساعية لبناء سودان جديد تسوده العدالة و المساواة، و يسير في خطى حثيثة لهزيمة التخلف، و تحديث البلاد، و رفع المظالم التأريخية الفادحة. و يتكون من جماهير النساء و الشباب الذين تقهرهم الدولة الدينية أكثر من سواهم و تدمر طاقاتهم و تسحق شخصياتهم و تحبط مشاريعهم. هذه القوى تمثل أغلبية الشعب، قادرة على بناء حلف ديمقراطي فعال بجمعها، قادرة على إنشاء حركة توحد إرادتها، قادرة على الوصول إلى تكوين حزب يمثل مصالحها و يكون أداة لفعاليتها. و لكننا واعون تماما بحقيقة أن أي حركة من الحركات أو أي حزب من الأحزاب لا يصبح حزبا لطبقة من الطبقات، أو فئة من الفئات، إلا إذا عبرت هذه الطبقة و الفئات أو أفرادها إن شئنا الدقة، بصورة صريحة أنهم يعتبرون هذه الحركة حركتهم و هذا الحزب حزبهم، و هذا لا يتم إما بالإنخراط في صفوف الحركة أو الحزب، أو تأييد مواقفه صراحة بمختلف الأشكال، إننا نخرج هنا على الإرث الماركسي الذي يعتبر أن حزبا من الأحزاب يمكن أن ينصب نفسه ممثلا لطبقة من الطبقات دون موافقتها بل و رغما عن أنفها في بعض الأحيان. و نتبنى المفهوم الديمقراطي البعيد عن الوصاية على الجماهير، و القائل بأن الحزب هو أولا حزب أعضائه، و هو ثانيا حزي مؤيديه و هو ثالثا جماع القيم الكلية و البرنامج السياسي و المواقف العملية التي تحكم نموه و توسع نفوذه و تجلب إلى صفوفه أعدادا متزايدة من الجماهير. إننا لا نشارك في المفهوم القائل بأن الحزب لا يكون حزبا إلا إذا عبر بصورة حصرية عن طبقة واحدة من الطبقات و توقف عليها. هذا شئ لا يحدث في مجتمع ديمقراطي، كما لا يحدث في عصر يلعب فيه الوعي دورا يتزايد بإستمرار.• نحن إذا لسنا حزبا جديدا، و لا نرمي بهذا اللقاء، إعلان مثل ذلك الحزب. إننا جزء من المجموعات العاملة داخل السودان، و خارجه في مختلف المهاجر، الساعية نحو تكوين حركة جديدة و حزب جديد يعمل مع تلك المجموعات، على قد المساواة و من مواقع الندية لنصل سويا إلى هذا الهدف. إننا سنتقدم بتصوراتنا حول كل الجوانب الخاصة بنشؤ هذه الحركة و ذلك الحزب و سنتعامل مع تصورات الآخرين بعقل مفتوح و مسئولية كاملة و سنبذل كل طاقاتنا لإنجاح مساعي هذه القوى لعقد مؤتمرها القادم و إنجاحه، بل سيكون التحضير لهذا المؤتمر هو نشاطنا الأساسي في هذه الشهور الثلاثة التي تفصل بيننا و بينه. و قد إتفقنا بالفعل مع كل المجموعات التي حذت حذونا في مصر و كندات و الولايات المتحدة و شرق أوروبا و غيرها من البلدان العربية و الأجنبية، أن تنخرط في العمل الجاد للتحضير لهذا المؤتمر، كما اتصلنا بالداخل لنفس هذا الغرض. و إنه لمن حسن الطالع أن أمر التحضير للمؤتمر قد أسند إلى "المنبر الديمقراطي" في المملكة المتحدة، الذي نعمل معه وفق رؤى موحدة و نشارك معه التحضير لهذا المؤتمر.أخيـــــــرا• إن معركتنا الأساسية موجهة ضد الجبهة الإسلامية الحاكمة في السودان.. و نحن نبدي إستعدادنا التام للتعاون مع جميع القوى السياسية-بما في ذلك الحزب الشيوعي السوداني-لمعرضة هذه السلطة. و نحن نعلن عن عزوفنا التام عن الدخول في أي معارك جانبية مع هذه الجهة أو تلك.• و نحن نعلم أن السلطة الفاشية ستهلل لهذه التطورات، و لكننا على يقين تام بأن فرحتها لن تدوم.الخاتم عدلان د. عمر النجيبد. خالد حسين الكد د. أحمد علي أحمد

Wednesday, November 02, 2005

التجمع الوطني الديمقراطي - قرار حول المشاركة فى السلطة التنفيذية

بسم الله الرحمن الرحيم
التجمع لوطني الديمقراطي
قرار حول المشاركة في السلطة التنفيذية
تأسيسا على قرار التجمع الوطني الديمقراطي بتاريخ 6 أكتوبر 2005 والذي أعلن فيه موافقته على المشاركة في المؤسسات التشريعية الاتحادية والولائية، في حين أكد القرار أن العرض المطروح لمشاركة التجمع في السلطة التنفيذية غير مرض، وأوصى بالاستمرار في العمل على معالجة هذا الأمر عبر التفاوض والاتصالات المباشرة مع الجهات المعنية
واستنادا على الأسس التي تضمنها اتفاق القاهرة المبرم بين التجمع وحكومة السودان في 18 يونيو 2005 فيما يتعلق بالمشاركة في مؤسسات الحكم الإنتقالي
وبعد اجتماعات متواصلة منذ تاريخ صدور القرار المشار إليه أعلاه، ومشاورات مكثفة شملت أصدقاء وحلفاء التجمع
وحفاظاً على وحدة وتماسك التجمع الوطني الديمقراطي وضماناً لإستمراريته
عقد التجمع الوطني الديمقراطي اجتماعا في القاهرة بتاريخ 1 نوفمبر 2005، واتخذ القرار التالي
1-
بما أن العرض المقدم لمشاركة التجمع في السلطة التنفيذية لم يطرأ عليه أي تغيير، فيظل قرار التجمع المجمع عليه بين فصائله كافة هو المشاركة باسم التجمع في السلطة التشريعية المركزية والولائية. أما المشاركة في السلطة التنفيذية فقد تعذر الوصول لإجماع حولها يمكن من اتخاذ قرار بمشاركة التجمع، وفصائل التجمع التي ترغب في المشاركة في السلطة التنفيذية لها الخيار في ذلك
2-
تعهد كل فصائل التجمع ببذل كل طاقتها للحفاظ على وحدته وتماسكه، كما تتعهد بمواصلة مسيرة التجمع لتنفيذ ما تم التوقيع عليه في اتفاق القاهرة حول التحول الديمقراطي وتأكيد قومية أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وضرورة رفع المظالم ودفع الضرر. ويحمل التجمع الحكومة مسؤولية التباطؤ في تكوين الآليات المتفق عليها لتنفيذ هذه المهام الجسام والتي هي ضمان لإستقرار البلاد و تحقيق السلام الشامل والإجماع الوطني
والله الموفق،،،
التجمع الوطني الديمقراطي
القاهرة في 1 نوفمبر 2005

Tuesday, November 01, 2005

بيان بمناسبة ذكرى 21 أكتوبر المجيدة

بسم الله الرحمن الرحيم
إتحاد الطلاب السودانيين ـ الهند
بيان بمناسبة ذكرى 21 أكتوبر المجيدة الأخوة والأخوات ...
إن تاريخ شعبنا حافل بالبطولات والتضحيات الجسام التي لعبت دوراً بارزاً في تشكيل وجدان شعبنا وهويته الثورية الرافضة دوماً لأشكال الإضطهاد والتسلط فكان إستقلال السودان ملحمة بطولية خالدة خلصت شعبنا من براثن المستعمر البغيض وكانت أكتوبر حلقة جديدة في سلسلة نضالنا ضد الحكم العسكري وتطلعاً لنظام ديمقراطي يكفل الحرية والمساواة لأبناء الشعب الواحد ويوحد حيجهودهم لبناء دولة سودانية حديثة تكون إنعكاساً للتعدد الثقافي وينعم فيها الجميع بالديمقراطية والسلام والعدل والأمن والرفاهية ... أن ثورة اكتوبر وإنتفاضة أبريل وإنتزاع الإستقلال سلماً شكلت التراث النضالي للشعب السوداني فسلام على شهدائنا في كل تلك المراحل وشهداء أكتوبر من الطلاب أحمد القرشي وعبدالحفيظ وعبدالرحيم فلهم التحية والتقدير ونؤكد لهم بأن ثورة أكتوبر والتي قدموا ارواحهم ومن قبلها دمائهم رخيصة من أجلها متأصلة في دماء كل وطني غيور وعبرة لأؤلئك الذين يضيقون بالراي الآخر وبالسلطة مازالوا متمسكون ونذكرهم بأن الشعب السوداني مازال هو ذلك الشعب الذي يعشق الحرية والديمقراطية وسيعمل على إستعادتهما كما إستعادها من عبود في أكنوبر ومن نميري في ابريل وسيرفع الشعب شعارات التغيير من أجل وطن حر ديمقراطي ومن أجل حياة حرة كريمة للشعب السوداني ...الأخوة والأخوات ...أن إتحاد الطلاب السودانيين بجمهورية الهند مازال يعمل ومنذ تأسيسه في التاسع من فبراير 1992م بدستوره الوطني الديمقراطي في وسط الطلاب بالهند فصار الممثل الوحيد الشرعي للطلاب السودانيين فأعلن أهدافه الدستورية في مؤتمره التأسيسي ومن أهمها ....1/ العمل علي ابراز الشخصية الاعتبارية للاتحاد وتاكيد وجوده وفعاليتة النقابية وكيانه السياسي والثقافي والاجتماعي والرياضي .2/ العمل على وحدة الحركة الطلابية السودانية وتضامنها واستقلالها.3/ العمل على عكس وجة السودان المشرق على الساحة الهندية وتوثيق العلاقات مع الشعب الهندى.4/ الاهتمام بقضايا الشعب السوداني والشعوب العربية والافريقية والعالمية والاسلامية والمشاركة الايجابية فيها وتوعية جماهيرنا الطلابية على ذلك.5/ الوقوف بصلابة ضد الأنظمة الدكنانورية عسكرية كانت أم مدنية .6/ الوقوف بصلابة مع إستقلالية الحركة النقابية السودانية وعدم فرض أي وصاية عليها .7/ فضح أي مؤامرة تحاك ضد الشعب السوداني .8/ تقديم المساعدات الأكاديمية والمالية الممكنة للطلاب والدفاع عن مكاسبهم ومصالحهم الحيوية وتهيئة الفرص للأعضاء لتنمية مواهبهم العلمية وتوجيهها بشكل بناء .9/ العمل على إنتزاع الحقوق الطلابية كاملة للأعضاء والمطالبة بها من الجهات المسئولة .10/ الوقوف بصلابة ضد ممارسات العنف والإرهاب التي تمارس في الوسط الطلابي وحسم الخلافات حسماً ديمقراطياً.11/ توفير الموارد المالية المشروعة والسعي لإعتماد ميزانية دائمة من الدولة .كانت تلك بعض من الأهداف التي ظل يعمل لإنجازها الإتحاد فكان الأداء منذ التأسيس أنموذجاً للعمل النقابي المنظم والسليم فحقق الكثبر وخٌرج العديد والعديد من الكفاءات في شتى المجالات ونجدهم دوماً في قمة الوعي والإدراك التام للمسئولية سواء تجاه أنفسهم أو تجاه الوطن أو أهلهم وذويهم ... ومع مرور الأيام والسنين وتعاقب الأجيال تناقص دور الإتحاد الريادي المعروف فلم تكن الرغبة في العطاء والتضحية كما كانت ولم تعد الرغبة في المشاركة والإسهام في أنشطة الإتحاد كما كانت في الماضي ... تقلص عدد الافرع رغم وجود طلاب سودانيين بها ... فصار الإتحاد على شفا جرف من الإندثار وعليه تتوجه الهيئة التنفيذية للإتحاد لجميع الأعضاء بالأفرع المختلفة وخاصة فرع مدينة بونا لإعتبارها المقر الدائم للإتحاد بالإلتفاف حول الهياكل الفرعية والإتخراط في السكرتاريات المختلفة والعمل على دعم اللجان مالياُ بتسديد الإشتراكات ومعنوياً وفكرياً بالمشاركة في الأنشطة الثقافية والأكاديمية والإجتماعية وغيرها إرتقاءاً بالمفاهيم وحرصاً على العمل الجماعي الشامل وتطويراً لأداء الإتحاد بصورة عامة ...نناشد كافة الأعضاء بالأفرع المختلفة بأن يستشعروا روح المسئولية ويعملوا على دفع عجلة الإتحاد .. كما نناشد التنظيمات السياسة بتفعيل وتجديد نشاطها والعمل على توعية الطلاب بدورهم الريادي المطلوب وتفعيل كافة الأنشطة والدفع بالكوادر المؤهلة لقيادة العمل على كافة الأصعدة وممارسة الرقابة الواعية على الإتحاد ودعم أنشطته ...كما تناشد الهيئة التنفيذية أعضاء الإتحاد السابقين والخريجيين من الجامعات والمعاهد العليا الهندية المتواجدين حالياً بدول الخليج وكندا والولايات المتحدة واستراليا واليابان ودول أوربا وبأرض الوطن لدعم الإتحاد وأفرعه المختلفة من خلال الهيئة التنفيذية مالياً ومعنوياً حيث تواجه الهيئة التنفيذية والمجلس الإداري عدة تحديات أهمها ...# العمل على جذب كافة الطلاب لتنفيذ أهداف الإتحاد بالصورة الجماعية المطلوبة وخلق جيل واع ومدرك وقادر على تحمل المسئولية تجاه نفسه ووطنه وذويه ولتنفيذ ذلك لابد من تفعيل رسالة الإتحاد الخدمية على النحو التالي ...أ/ تقديم المساعدات الأكاديمية المطلوبة وذلك من خلال تبني مسألة إستخراج القبولات بكافة الأفرع إستعانة باللجان التنفيذية وتقديم المساعدات الإجتماعية وتسهيل إجراءات السكن وإقامة دروس تقوية وخاصة في اللغة الإنجليزية للطلاب الجدد .ب/ تمثيل كافة الطلاب أمام الجهات الرسمية وخاصة مكاتب تسجيل الأجانب وتبني مسألة تجديد الإقامات وتأشيرات الخروج والعودة وغيرها من الإجراءات القانونية ج/ وللقيام بكل تلك المناشط الهامة لابد من تسجيل الإتحاد رسمياً لدى السلطات الهندية وبدأت الهيئة التنفيذية منذ الدورة السابقة وعملت على ترجمة الدستور وتم تكليف أحد المحامين بذلك إلا أنه ومن المؤسف جداً قد حال العائق المادي دون ذلك ... كما أنه هنالك تحد آخر أمام هياكل الإتحاد العليا وهو وضع فرع بونا المؤسف والذي نعتبره وحسب الدستور مركز الإتحاد الدائم ... فالوضع بفرع بونا صار مخزياً للغاية حيث هجر الأعضاء دار الفرع تماماً وبالفعل أن دار الفرع لايليق بنا كطلاب ... وتسعى اللجنة التنفيذية الحالية وبالتنسيق مع المركزية لإيجاد دار آخر يليق ومكانة السودانيين بمدينة بونا وهنالك خيارات ومواقع عديدة كلها تحتاج لضمان مالي فتم جمع إشتراكات وتبرعات داخلية ولكنها لم تستوف ماهو مطلوب لسداد ذلك الضمان المالي وعليه نناشدكم بالتبرع بما يتاح لكم لإستعادة نشاط الإتحاد فرعياً ومركزياً ... نناشد الخريجيين أبناء الإتحاد والوطنيين من أبناء السودان المخلصين لدعم هذه المؤسسة التربوية العريقة ...نجدد التهنئة بذكرى أكتوبر الخالدة ونحني الهامات إعزازاً وإجلالاً وإكباراً لشهداء الحركة الوطنية في كل المراحل ونشد أيادي أبناء وبنات شعبنا القابضين على جمر القضية في الداخل والمناضلين في المهجر ومعاً حتى نقف صفاً واحداً لنغني ....حمدالله ألف على السلامةإنهد كتف المقصلة والسجن ترباسو إنخلعتحت إنفجار الزلزلةوالشعب بأسرو إندلع حرر مساجينو وطلع قرر ختام المهزلة وحتى نختم المهزلة علينا السعي لإستعادة أكتوبر وابريل من خلال واقع جديد وقيم جديدة تفضي إلى سلوك جديد في العمل السياسي وتقديم رؤى وبرامج لبناء سودان ديمقراطي حر وفق ممارسة سليمة ومعافاه ...التحية لشهداء أكتوبر عاش نضال الحركة الطلابية رائدة التغيير الهيئة التنفيذية لإتحاد الطلاب السودانيين ـ الهند21 اكتوبر2005مssa_india_92@yahoo.co.inSSA … P.O BOX 162 … Camp …Pune - 411001Indiaالسكرتير العام ... محمد المعتصم عبد الكريم ... 00919890654312السكرتير المالي ... محمد بابكر مهيد 00919850133002