news & views

Tuesday, July 19, 2005

نقد مع جريدة البيان


لقاءات "البيان" مع السياسيين السودانيين.. عمر العم


السودان على عتبة المرحلة الانتقالية (6)
محمد إبراهيم نقد زعيم اليسار السوداني: خياران أمام الشريكين حرق المراحل أو تمديد الفترة الانتقالية مواكبة للمرحلة الانتقالية السودانية التي تأتي في إطار اتفاق سلام وضع نهاية لحرب دامت أكثر من عقدين تجري «البيان» سلسلة من الحوارات مع نخب من القيادات السياسية والفكرية في الخرطوم بغية استيضاح خارطة الطريق التي تعين القوى السياسية على عبور تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ السودان الشقيق التي تنتهي بأحد خيارين: الوحدة أو الانفصال. وتسعى «البيان» عبر هذه السلسلة لاستكشاف «الميكانيزم» الذي تفكر به القيادات السياسية في هذا البلد والتحديات المحتملة والألغام التي قد تنفجر أمامها إبان عبور المرحلة الانتقالية، وما إذا كانت تلك القوى قد أعدت من الرؤى والعدة ما يعينها على تجاوز تلك التحديات وتفكيك تلك الألغام. وتحرص «البيان» على استجلاء آراء مختلف قوى الطبق السياسي السوداني والشخصيات المؤثرة في قماشة الرأي العام. وهذا حوار فوق العادة ليس لأنه مع رجل استثنائي يمثل الرؤية الأكثر نفاذاً والأكثر عمقاً في أوساط اليسار السوداني فقط أو انه مع سياسي مخضرم ومحترف لأنه فوق ذلك قضى نصف سني عمره في السجون أو العمل السياسي السري مكرساً طاقاته وقدراته ضد الاستبداد والشمولية. ويحظى محمد إبراهيم نقد باحترام وافر من قبل خصومه ليس بفضل رجاحة فكره فقط وإنما لتواضعه الذي ينم عن أصالة وصفاء نادرين. وينظر الجميع في الساحة السياسية السودانية إلى الرجل حالياً باعتباره المحور الذي يمكن أن يعيد قوى اليسار للتجمع حوله وهي قوى لعبت دوراً بالغ الحيوية في الحركة السياسية والثقافية والاجتماعية في السودان. نبّه محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني إلى أن المرحلة الانتقالية بسنواتها الست لا تكفي لتحقيق انسجام بين الشريكين الحاكمين ومن ثم نهوضهما بأعباء المرحلة وقال أمامهما أحد خيارين، إما حرق المراحل ودمج مهام في بعضها أو تمديد الفترة الانتقالية. وأشار إلى أنهما قررا بالفعل الخيار الثاني. وأضاف نقد في حوار مع «البيان» ان العلاقة بين حزب المؤتمر الذي يقوده الفريق عمر البشير والحركة الشعبية بزعامة جونق قرنق تتسم بطابع مزدوج يجمع بين الصفقة السياسية وخارطة الطريق وتتضمن حلولاً وسطاً ستصطدم بمتاريس سياسية عند التطبيق. وانتقد اتفاق السلام ووصفه بأنه أقرب إلى برنامج الامتحانات الأكاديمية يطغى عليه الجانب التكنوقراطي. وأضاف ان القوى السياسية دخلت بعد رفع حالة الطوارئ إلى الجهاد الأكبر بعد انتهاء الجهاد الأصغر. وطالب حركة قرنق بالاستعداد الذهني والسياسي للإجابة عن أسئلة المواطنين في الشمال والجنوب وبما يوازي زخم استقباله في الخرطوم وطالب الدكتور حسن الترابي بتخطي الإقرار بخطاياه السياسية إلى تحمل مسؤولية تلك الخطايا. ووصف الحالة العربية بأنها بائسة ومحبطة، وقال إن افريقيا تنتظر غودو وهذا نص الحوار. * أعتقد أن الرهان بات الآن على قرنق أكثر من غيره. إذ كان اعتقادي صائباً فما الذي نتوقعه منه؟ ـ بأداء الدكتور جون قرنق القسم، على حركته الشعبية أن تستعد ذهنياً ونفسياً وسياسياً للرد على أسئلة المواطنين في الشمال والجنوب معاً حول سياسات السلطة وقراراتها وأن تكون الأجوبة موازية لزخم الاستقبال الذي شهدته الخرطوم عند وصول قرنق إليها. * هل تعتقد أن قيادة الحركة مهيأة للإجابة عن مثل هذه الأسئلة؟ أرجو ألا تضيق صدور ممثلي الحركة، ليس فقط إزاء أسئلة المواطنين، بل كذلك إزاء انتقاداتهم. إذ أن تلك الأسئلة وهذه الانتقادات تعبّر بالضرورة عمّا كانت تتطلع إليه الحركة السياسية. * ما الفرق بين الأسئلة التي يطرحها الشماليون وأسئلة الجنوبيين؟ ـ لا توجد مشكلة كبيرة في الجنوب بحيث تشكل مفاجأة. فالمشهد كله برمته داخل دائرة النظر، غير أن الموقف في الجنوب مغاير، إذ سيبدأ ذلك الجزء من الوطن يطرح ما يختزن من تطلعات ومطالب. كما انه سيطرح أسئلة ترتبط بما يختزن من ثقة في الحركة الشعبية التي يقودها قرنق ولا بد أن يأخذ بعضاً من هذه الأسئلة صيغة المعارضة للحركة، أعني بذلك مواقف وممارسات بعض الأحزاب والميليشيات المتحالفة مع الحكومة والشخصيات الجنوبية التي تتخذ مواقف غير منسجمة مع توجهات قرنق وحركتها. * ما الاختيار الأول الذي ربما تجد الحركة تواجه فيه ضرباً مبكراً من تلك الأسئلة؟ ـ هناك انتظار يشبه نتائج الامتحانات بالنسبة للصفوة الجنوبية التي يقلقها حالياً سؤال ملح يرتبط بمواقع السلطة المركزية منها والإقليمية التي سيضع قرنق كلا منهم فيها. * ثم ما الأسئلة المركزية التي تعتقد أنها ستفاجئ قرنق أو ستطرح نفسها على نحو يتطلب إجابات فورية؟ ـ ما زلت قلقاً على مفاوضات دارفور والبجا رغم الضغوط الدولية وتدخل برونك المباشر وسيطاً باسم الأمم المتحدة في مسألة الشرق. كما يقلقني أن التجمع ليس له وسيط أو مفاوض في اتفاقه مع الحكومة (اتفاق القاهرة) كما هو الحال مع الحركة في اتفاقها مع النظام (نيفاشا). ربما يساهم وجود الحركة في السلطة على تذليل الصعاب من أجل وصول حل فيما يتعلق بمشكلة دارفور والشرق. اعتقد ان الطرفين في الغرب والشرق يتوقعان ان تقدم حركة قرنق لهما قدراً من المساندة باعتبارها حليفاً. غير أني لا أستطيع ان أقدم إجابة شافية في هذا السياق، فالإجابة الكاملة عند قادة الحركة في السلطة. * كنت تنبأت في حوار لي مبكراً معك قبل خروجك الى العلن بأهمية بناء منبر تفاوضي على غرار ماشاكوس وكانت في بداياتها، ماذا ترى الآن في الأفق البعيد في المشهد السياسي السوداني؟ ـ خذها مني كلمة ـ سيحصل الغور والبجا على حق التمثيل في مجلس السيادة أو مجلس رأس الدولة حتى ولو أصبح له رئيس دائم. وربما يلحق بهما النوبة والانقسنا. * قرار رفع حالة الطواريء لم يشكل حدثاً فاصلاً بين مشهدين على المسرح السياسي، فلماذا كل هذا البرود؟ ـ بالفعل لم يحدث رفع الطواريء احساساً مفترضاً بالنشوة وعبر القرار كالظل على نحو عادي وهو بالفعل كان كذلك ذلك ان النشاط السياسي خاصة في المجال الطلابي كان قد تخطى حاجز الطواريء مسبقاً فلم يبق من مظاهرها سوى نقاط التفتيش التي يتم نصبها عند الثانية عشرة منتصف كل ليلة. ومع ذلك يمكن القول انه بعد رفع حالة الطوارئ ثم رفع الستار عن مشهد جديد لمعركة كبرى ضد القوانين المكبلة للحريات فهذه بداية الجهاد الأكبر بعد انتهاء الجهاد الأصغر. * ما القضايا التي تعتبرها عقبات كأداء أمام الحركة السياسية إبان المرحلة الانتقالية؟ ـ المرحلة الانتقالية بسنواتها الست ليست كافية لانجاز مهام المرحلة بل هي غير كافية للشريكين من أجل معرفة بعضهما البعض معرفة حقيقية تفضي بهما الى التجانس الذي يعينهما على التصدي لتلك المهام. ما تم انجازه من قبل الشريكين في يونيو كان ينبغي الفراغ منه في الربع الأول من هذا العام ولاتزال هناك قضايا معلقة متبقية من النصف الأول الذي انقضى منه. وأمام الشريكين أحد خيارين، إما حرق المراحل بدمج بعض العمليات والمهام وهذا سيكون هدفه تحقيق مصالح للسلطة فقط وتغليب مصالحها على الاطراف الاخرى أو تمديد المرحلة الانتقالية لأكثر من السنوات الست. واعتقد ان الشريكين اختارا بالفعل التمديد ذلك أنهما قررا إجراء الانتخابات في السنة الرابعة. * ألا يشكل هذا علة في الاتفاق أكثر من كونه قصوراً في رؤى وقدرات الشريكين؟ ـ هذه احدى مآخذنا على الاتفاق اذ تم وضعه في صيغة أشبه ما تكون ببرنامج الامتحانات الاكاديمية وطغى عليه الجانب التكنوقراطي في بلد تتميز الحركة السياسية فيه بأنها عاصفة. * إلى أي مدى يشكل انتقال حركة قرنق الى موقع السلطة تحدياً لها؟ ـ هذا الانتقال يكشف جانباً عميقاً لم يكن جلياً في طبيعة الحركة. فمثل كل القوى السياسية ستخضع الحركة لتغيير نوعي عندما تنتقل من المعارضة الى مواقع السلطة بغض النظر عما إذا كانت ستحكم منفردة أو متحالفة. وإذا كانت هذه التجربة صعبة لكل القوى السياسية فإنها جديدة بالطبع على حركة قرنق بصفة خاصة. فالحركة ستواجه تجربة اختيار قاسية في شأن كيفية تنفيذ شعاراتها وأهدافها وكيفية تعاملها في الوقت نفسه مع المعارضة ـ حلفائها سابقاً ـ أو مع الرأي الآخر في شكل مطلق. * ما الجانب الذي ترى ان الأضواء لم تسلط عليه على نحو كاف في الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية؟ ـ العلاقة بين المؤتمر والحركة علاقة شراكة تتسم بطابع مزدوج يجمع ولا يمزج بين الصفقة السياسية وخارطة الطريق وهذا الخلط نجم عن الحلول الوسط المقنعة للطرفين أو تلك التي فرضها عليهما شركاء الايغاد وهي حلول ستصطدم عند التطبيق على الأرض بمتاريس سياسية وعقبات. حاولت الاتفاقية مغالبة مثل هذه العقبات بما تسميه أحياناً ب«لجنة واسعة التمثيل» لكنك تفاجأ بأن لجنة ثنائية من طراز «7 + 7» هي التي وضعت مسودة الدستور وقدمتها الى «لجنة الدستور» وهي كذلك ليست «لجنة ذات قاعدة عريضة». مثال آخر يتجسد في ان النسبة المخصصة للقوى السياسية الأخرى لا تمنحها القدرة على أداء الدور الفاعل الذي يوازي ثقلها. * وما الذي ترى، ان الذين قرأوا اتفاق السلام لم يمنحوه ما يستأهل من التأمل؟ ـ الاتفاقية تتسم في مجملها بمدخل النفي بالنسبة للطرف الجنوبي أي كان ذهنه عند كل بند من بنودها مهموماً بألا يحدث فيها ما حدث في اتفاقية اديس أبابا في العام 1972، بينما كان ذهن الطرف الشمالي منصباً على ألا يفقد المؤتمر الحاكم قبضته على السلطة. * بالإضافة الى عقبات التطبيق ما هي الالغام المفخخة على طريق الشراكة إبان المرحلة الانتقالية؟ ـ مثل كل الحكومات تواجه الشراكة الثنائية عقبات عدة غير ان العقبة الكبرى التي تواجهها هذه الحكومة تتمثل في طموحات الشعب السوداني في الشمال والجنوب بعد الانهيار الكامل الذي تعرضت له حياته المعيشية والاجتماعية واستحواذ أقلية ضئيلة على مجمل الثروة. * ما المشكلة الملحة التي تواجه المؤتمر الوطني بصفة خاصة دون شريكه؟ ـ المؤتمر الحاكم سيواجه فوراً مشكلة المبعدين من مواقع السلطة من صفوف أعضائه و«الأحزاب المتوالية»، فالتعويضات المجزية التي سيقدمها المؤتمر لهؤلاء المبعدين لن تبطل مفعول «فايروس» السلطة الذي تمكن منهم وسيتطلعون الى مواقع بديلة. وقد يتحولون الى «خميرة عكننة» كما هو حال الصفوة الجنوبية الباحثة عن مواقع في السلطة الجديدة. بالمناسبة كنت قد اقترحت على الترابي أيام تواجدنا معاً في المعتقل ان ينشيء «وزارة دوارة» يبقى فيها من يشغلها ستة أشهر حتى ينال لقب «وزير سابق» الذي يتهافت عليه البعض رغم ان الوزارة فقدت ذلك البريق الذي كان. * وما الذي يشغل بال المعارضة في هذه المرحلة؟ ـ داخل كل مواطن سوداني توجد معارضة ومن ثم هناك معارضة داخل كل حزب، ومع ذلك يمكن القول ان ما يميز المعارضة في هذه المرحلة أنها تجمع دون استثناء على تأييد اتفاق السلام وحق تقرير المصير بالنسبة للجنوبيين، كما أنها تجمع على الترحيب بإنهاء الحرب. وليس هناك طرف معارض يسعى الى الغاء اتفاق السلام، والحديث في هذا الشأن هو مجرد اتهام منطلقه مزايدة سياسية ليس غير. لكن المعارضة كلها مستفزة ووراء ذلك الاستفزاز نسبة الـ 15% التي خصصت لها في مقاعد السلطة وتنازل أي من الحركة الشعبية أو المؤتمر الوطني أو الاثنين معاً عن أي نسبة من حصتهما لا يحل القضية فهذا التنازل أشبه ما يكون بالزكاة. كما أن موقف الشريكين السلبي من مطلب عقد «مؤتمر شامل» أو «مؤتمر دستوري» أثار استفزاز القوى المعارضة، والمؤتمر الدستوري لن يلغي اتفاق السلام، لكنه يتيح للقوى الأخرى ان تقول ملاحظاتها عليه، وهذا حق مشروع وأنا واثق من موافقة دول الايغاد على عقد مثل هذا المؤتمر. * ما مدى ثقتك في نجاح حركة قرنق في إعادة بناء الجنوب؟ ـ أعتقد أن الحركة ستنجح في بناء وتكوين مؤسسات السلطة والحصول على مقاعد الجنوبيين في مؤسسات الشمال، غير ان أصعب الامتحانات التي ستواجهها ذلك الذي يتعلق بإعادة تعمير وبناء ما خربته الحرب خاصة في الجانب الذي يرتبط منه بمساهمات المانحين والمجتمع الدولي. ومع ان وحدة الجبهة الجنوبية تعتبر مشكلة معقدة إلا انني اعتقد ان الحركة قادرة على تخطي هذه العقبة إلا اذا كانت هناك معارضة تود ان تحل محل الحركة في السلطة. * أعتقد أن هناك خياراً جاهزاً في هذا الصدد أليس كذلك؟ ـ لعلك تعني فاولينو ماتيب. * أليس هو جزء من معادلة اللعبة المرتقبة؟ ـ الميلشيات الجنوبية حليفة للحكومة الحالية والدكتور قرنق يدرك ذلك كما أن المجتمع الدولي يعرف ذلك، والحكومة تعترف علنا به. أضف إلى ذلك أن شركات البترول تدفع للميليشيات مقابل الحصول على الأمن. * هل تعتقد أن الحركة قادرة على إيجاد حل لهذه المعادلة المشابكة؟ ـ أنا متفائل إزاء قدرات الحركة السياسية. * ألا ترى أن هناك تضخيماً لقدرات قرنق ربما من باب الأمنيات؟ ـ لا أظن ذلك بل أعتقد أن قرنق يقرأ الظرف الموضوعي جيداً. * هل تثق أنت في تحالف مع الصادق المهدي وحسن الترابي لتشكيل جبهة معارضة؟ ـ الصادق والترابي لن يفاوضا حكومة الإنقاذ. هكذا أعلن كل منهما موقفه ولكنهما يسعيان من أجل حكومة ذات قاعدة عريضة. * البعض من حلفائك يتهم المهدي بعدم الثبات على المواقف. ـ المهدي جاد في إعلانه المؤيد لاتفاق إنهاء الحرب ولكن لديه تحفظات يمكن الوصول إلى اتفاق حولها حتى من جانب الحكومة إذا أدركت الحكومة أن المهدي حاكم سابق انتزع الانقلاب السلطة منه. ويمكن أن يحرز أصواتاً في أي انتخابات نزيهة أكثر من حصاد الحركة الإسلامية بجناحيها. * هل أنت تعني ما تقول حقيقة؟ ـ إذا توفرت للمهدي الموارد المالية على غرار ما لدى المؤتمر الحاكم فيمكن للمهدي منافسة المؤتمر غير أن هذه الوفرة على ذلك النحو مهمة مستحيلة. * ماذا عن الترابي؟ ـ الترابي مطالب بتخطي عقبة الإقرار بمسؤولية ما حدث التي أخذ يرددها عقب مفاصلة رمضان مع المؤتمر الوطني وإلا سيواجه عقبات وهذه مسألة في غاية الأهمية فهو لا يزال عند تبعات انقلاب 1989 يوم قال للبشير اذهب إلى القصر رئيساً واختار أن يذهب هو إلى كوبر سجيناً. * ما الذي تعني بتخطي عقبة الإقرار؟ ـ هناك استحقاقات واجب الوفاء بها مقابل ذلك الإقرار وعلى الترابي أن يفي بتلك الاستحقاقات ولا يجوز طي أخطاء تلك المرحلة مقابل «عفا الله عما سلف». هناك تجارب مماثلة حدثت في جنوب افريقيا، تشيلي والمغرب مثلاً ولابد من ايجاد صيغة سودانية يتم بموجبها وصول نوع من العدالة مقابل تلك الخطايا التي تمت في حق الشعب والوطن. * عوداً إلى المهدي؛ ألا ترى أن الانشقاق داخل حزبه يمكن أن يؤثر على موقفه الانتخابي مستقبلاً؟ ـ حدثت انشقاقات مماثلة سواء داخل البيت أو كيان الأنصار أو على صعيد الحزب لكنها لم تصمد طويلاً. واتسعت الهوة بين الصادق وعمه مثلاً فترة من الزمن. * هناك تحالف تاريخي بين الأمة والاتحاديين أو الأنصار والخيمة الذي أرساه عبدالرحمن المهدي وعلي الميرغني لكنه يشهد انفصاماً. ـ الاتحاديون لديهم شيء من عدم الانضباط ولديهم ما يضمرونه سواء تجاه الأنصار أو إزاء الصادق شخصياً لأسباب متباينة. * أنت تطالب الترابي بتجاوز الإقرار بمسؤولية الخطايا إلى تحمل تلك المسؤولية بينما يطالبكم آخرون بتحمل مسؤوليات أخطاء اقترفتموها في مرحلة مبكرة من نظام النميري. ـ أصدرت قيادة حزبنا في أغسطس 1977 بياناً بعنوان «جبهة للديمقراطية وإنقاذ الوطن» كان أحد شروطها «الكشف عن جرائم التعذيب والقتل العشوائي ومحاكمة الذين ارتكبوها والذين أمروا بها وفقاً للأدلة المادية التي يدلي بها كل مواطن تعرض للتعذيب» هذا هو موقفنا منذ ذلك التاريخ. وبدون مثل هذه الإجراءات سنعود إلى المربع الأول. نقول للذين يطالبون بمقولة «عفا الله عن ما سلف» إن العفو ممكن ولكنه وفق هذه الرؤية فقط. * ما الذي تودون عمله عل الحزب يستعيد موقعه على خارطة الحراك السياسي؟ ـ ها هو الحزب بدأ يقدم نفسه مجدداً للجماهير بعد غياب استمر 16 سنة عبر سلسلة من الندوات بدأت في الخرطوم وستنداح عبر المدن الكبرى، كما نعمل على ترميم الحياة الداخلية بعد نفض غبار العمل السري. وتعقد مجموعات عمل للكادر على كل المستويات لإنعاش القدرات وتبادل وجهات النظر وتجاوز السلبيات. * وماذا عن المؤتمر العام للحزب؟ ـ ذلك هو الواجب المحوري للحزب حالياً،إذ ينهمك في الإعداد للمؤتمر. * ما الصعوبات التي تعرقل عقده؟ ـ لا تواجهنا صعوبات سياسية أو فكرية وإنما فقط نحاول تخطي ظروف الحياة المعيشية والاجتماعية. * قلت في الندوة الجماهيرية الأولى عقب عودتك للعلن أنكم متمسكون بالماركسية، فهل هي لا تزال منهج الحزب أم انها إحدى الرؤى التي يستعان بها؟ ـ في كل المناقشات الجارية داخل الحزب لا يوجد اتجاه للتخلي عن الماركسية، بل هناك تركيز على التعامل مع المنهج الماركسي لقراءة واقعنا المحلي والإقليمي والدولي والصراع ضد الجمود الذي لحق بالماركسية في فترات على صعيد تجربتنا المحلية أو الصعيد العالمي. * غير أن انهيار الكتلة الشرقية أهال الأنقاض على هذا المنهج في رأي قطاع عريض باتساع العالم. ـ التزامنا بالمنهج الماركسي لا يلغي تعاملنا مع كل عطاء الفكر الإنساني ومعطيات ثورة المعلومات والتكنولوجيا في العالم وتجارب الشعوب والتزامنا كذلك بمواصلة البحث الجاد في أسباب انهيار التجربة الاشتراكية. * هل تقبلون على ذلك من منطلق البكاء على الأطلال؟ ـ بل من باب الحرص على ما يفضي إلى تصور واقعي وموضوعي بغية الوصول إلى الاشتراكية. * هل ستحرصون على الاحتفاظ باسم الحزب الشيوعي أم ستجارون ما حدث في الشرق الأوروبي؟ ـ ثمة خيار مطروح بأن يحتفظ الحزب باسمه وهناك اقتراحات أخرى مثل «الحزب الاشتراكي» و«الحزب الوطني الديمقراطي» و«الحزب الاشتراكي الديمقراطي». * عندما قلت في الندوة أنكم متمسكون بالماركسية هل كنت تحاول حسم الجدل المطروح أم انك تحاول إبلاغ المؤتمر الذي لم يلتئم بعد رسالة؟ ـ لا، ولكن المؤتمر وحده سيحسم كل الأشياء قيد الجدل والتداول حالياً. *كيف ترى المشهد العربي الحالي؟ ـ الحالة العربية بائسة ومحبطة بدليل أن القضية الفلسطينية أصبح يتبناها البيت الأبيض ويرسم لها خارطة الطريق وتتولى كوندوليزا رايس أمر طرح المبادرات. * وماذا عن المشهد الأفريقي؟ ـ ها هي أفريقيا في انتظار غودو. حاوره في الخرطوم ـ عمر العمر:_________________رجا العباسي

0 Comments:

<< Home