حول زيارة نقد للترابى
سبق لنا القول، وفى اكثر من مناسبة، ان اكبر خطأ نرتكبه فى حق انفسنا، وفى حق
الشعب من حولنا، هو اننا نمارس السياسة، بقوانين المصارعة!! وليس بقوانين السياسة كما ينبغى.
ومن بديهيات عملنا السياسى، ان نكون مبدئيين فى طرحنا، وفى حياتنا، ويوم نبعث احياء.
تلك المبدئية - صعبة الانبلاع عند الكثيرين - نظل نستمسك بأهدابها حتى النهاية،. ومهما كانت بهاظة الثمن الذى علينا ان ندفعه. هذا خيارنا، الذى اخترناه بمحض ارادتنا، وعلينا ان نتحمل تبعاته، مهما كانت علقمية الطعم،. لانزايد عليها، ولا نكسب من ورائها، الا احترام الناس لنا.
طفت فى منتديات الناس، وعلى صفحات الانترنت، وفى بعض الصحف السيارة، تساؤلات. بعضها حاديه الدهشة، وسوء الفهم. وبعضها الاخر مبتغاه النكاية، وتعكير الامواه، واثارة الغبار، وربما اشعال النار - لمن استطاع اليها سبيلا- حول زيارة الاستاذ محمد ابراهيم نقد للترابى، بمناسبة اطلاق سراح الاخير، بل وقد تنزَّل الاندهاش، حتى من بين ثنايا (ونسات) بعض الشيوعيين، اعضاء الحزب انفسهم. وقد سبق لنفس التساؤلات ان طفت فترة فوق السطح، يوم ان قام يوسف حسين، وكمال الجزولى، وفاروق كدودة، مبعوثين من الحزب، بزيارة مماثلة لنفس الرجل حين اطلق سراحة اول مرة. وكان المأمول من اجهزة اعلام الحزب ان تضع النقاط فوق الحروف، ليستبين الناس خيطهم الابيض من خيوط الظلام السياسى. ولكن لسبب لا اعرفه صمت اعلام الحزب وصحافته ولسان حالهم يقول ( لانفسر الماء بعد جهد بالماء) باعتبار ان ما حدث، هو مما يعرف عن السياسة بالضرورة. وكان ذلك فى وقته مما نحسب انه خطأ منهجى.
الحزب الشيوعى، ومنذ انشائه، ظل منشغلا بحرب البسوس الازلية والتى اشتعلت فى رداء السياسة السودانية منذ فجر الاستقلال الباكر، بين تيار ينتهج الديموقراطية طريقا وحيدا لتمكين الجماهير من اخذ امورها بيدها، وتيار يرى اختصار الطريق على الناس وركوب مراكب الشمولية عسى ان يبعث الله فينا ديكتاتورا عادلا يملأ الارض خيرا ونماء وازدهار!!! ومن نافلة القول ان تيار الاغلبية داخل الحزب قد حسم معركته الداخلية لصالح تيار الخيار الاكثر معقولية ومنطقية وكان ان شارك الحزب الشيوعى فى كافة الديموقراطيات – على قلتها وقصرها – بهمة ونشاط نجح هنا وفشل هناك ادخل نائبا الى البرلمان مرة واحدى عشر كوكبا مرة اخرى ونائبين مرة وثلاثة مرة اخيرة – وليست آخرة ، وهكذا يقع ويقوم على هدى برنامج انتخابى صار الى ثبات اكثر، ومنهجية سياسية صارت الى رسوخ فى اذهان الناس اعمق.
وفقا لمنهجية الحزب ومبدئيته فى التعامل مع قضايا الناس، كانت دعوته الصادقة الى اطلاق سراح المعتقلين السياسيين او تقديمهم الى محاكم عادلة. بل ودعا الى عدم اعتقال الناس اصلا لاغراض سياسية. ومن ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون تتم مقاضاته امام قضائه الطبيعى، العادل.
فى الجانب الاخر من النهر كان يقف حسن الترابى وتياره الشمولى الاقصائى. يسعى ويدعو سرا وعلانية الى اعتقال الناس وتعذيبهم وتشريدهم وملاحقتهم ونفيهم بل وقتلهم فى كثير من الحالات اذا كان مستوى تفكيرهم يختلف عن مستوى التفكير الآحادى مما يقود الى تكفيرهم وبالتالى استباحة كل مايتعلق بحيواتهم فيصير دمهم ومالهم وعرضهم حلالا على اكلة السحت ومبدلى كلمات الله وفقا للهوى الشخصى والمزاج الحاكم تحت ابواب ماعرف عند تجار الدين بفقه الضرورة.
انحاز قسم من الناس الى هذا التيار وفضلت الغالبية التيار الاخر الاكثر ضمانا لديموقراطية مستدامة ومن ثم امان وسلام للبدن والعقل والمال والولد. ولاينكر الا مكابر ان الحزب الشيوعى كان من اكثر الاصوات علوا فى هكذا دعوة. ظل يرصد لها الكادر خلف الكادر والبيان يتلو البيان، يحشد الجماهير حول دعوته ويبشر بها بين قيادات الاحزاب ويستقطب لها الدعم، المحلى والاقليمى والدولى، فى همة لاتفتر.
الفرق الجوهرى بين التيارين هو ان تيار الديموقراطية يفصل بين الامور فصلا قياسيا !! مفضلا سيادة حكم القانون على البلطجة التى يتخذها الشموليين اسلوب عمل بديل عن القانون.
ولايختلف اثنان فى ان الديموقراطيين والشيوعيين لديهم اتهامات موثقة وبشهادة عدول ضد اقطاب الشمولية وسدنتها بدء من عمر البشير وليس انتهاء بحسن الترابى!! وسيتم الاحتكام الى القانون والقضاء، المكان الطبيعى لمحاسبة المجرمين. وليس من مصلحة الديموقراطية محاكمة الناس خارج القانون وعلى صفحات الجرايد وفى المنتديات،. هذا بالضبط مايريدة الشموليون!! ليعلنوا عندها افلاسنا السياسى، وسقوط دعوتنا بالضربة القاضية امام فكر ومنهج الشمولية ذاته.
ظل، ولايزال اطلاق سراح اى مواطن هو انتصار لدعوة التيار الديموقراطى، والذى يقف الحزب الشيوعى فى قلبه. وكان ولايزال اعتقال اى مواطن هو انتصار لقوى الشر المتمثلة فى تيار الشمولية والاقصاء. وعلى ارضية هكذا فهم جاءت زيارة قياديى الحزب الشيوعى لحسن الترابى حين اطلق سراحه فى المرة الاولى وعلى نفس الارضية، تجئ زيارة محمد ابراهيم نقد للرجل، تأكيدا لانتصارنا على فكره وممارسته!! واعلانا عن ان دعوتنا ليست قميصا نخلعه ساعة نشاء!! وانما هى جزء صميم من جلودنا لايمكن الانفصال عنها الا اذا قررنا الانفصال عن الحياة نفسها.
عبد المنعم الجزولى
سبق لنا القول، وفى اكثر من مناسبة، ان اكبر خطأ نرتكبه فى حق انفسنا، وفى حق
الشعب من حولنا، هو اننا نمارس السياسة، بقوانين المصارعة!! وليس بقوانين السياسة كما ينبغى.
ومن بديهيات عملنا السياسى، ان نكون مبدئيين فى طرحنا، وفى حياتنا، ويوم نبعث احياء.
تلك المبدئية - صعبة الانبلاع عند الكثيرين - نظل نستمسك بأهدابها حتى النهاية،. ومهما كانت بهاظة الثمن الذى علينا ان ندفعه. هذا خيارنا، الذى اخترناه بمحض ارادتنا، وعلينا ان نتحمل تبعاته، مهما كانت علقمية الطعم،. لانزايد عليها، ولا نكسب من ورائها، الا احترام الناس لنا.
طفت فى منتديات الناس، وعلى صفحات الانترنت، وفى بعض الصحف السيارة، تساؤلات. بعضها حاديه الدهشة، وسوء الفهم. وبعضها الاخر مبتغاه النكاية، وتعكير الامواه، واثارة الغبار، وربما اشعال النار - لمن استطاع اليها سبيلا- حول زيارة الاستاذ محمد ابراهيم نقد للترابى، بمناسبة اطلاق سراح الاخير، بل وقد تنزَّل الاندهاش، حتى من بين ثنايا (ونسات) بعض الشيوعيين، اعضاء الحزب انفسهم. وقد سبق لنفس التساؤلات ان طفت فترة فوق السطح، يوم ان قام يوسف حسين، وكمال الجزولى، وفاروق كدودة، مبعوثين من الحزب، بزيارة مماثلة لنفس الرجل حين اطلق سراحة اول مرة. وكان المأمول من اجهزة اعلام الحزب ان تضع النقاط فوق الحروف، ليستبين الناس خيطهم الابيض من خيوط الظلام السياسى. ولكن لسبب لا اعرفه صمت اعلام الحزب وصحافته ولسان حالهم يقول ( لانفسر الماء بعد جهد بالماء) باعتبار ان ما حدث، هو مما يعرف عن السياسة بالضرورة. وكان ذلك فى وقته مما نحسب انه خطأ منهجى.
الحزب الشيوعى، ومنذ انشائه، ظل منشغلا بحرب البسوس الازلية والتى اشتعلت فى رداء السياسة السودانية منذ فجر الاستقلال الباكر، بين تيار ينتهج الديموقراطية طريقا وحيدا لتمكين الجماهير من اخذ امورها بيدها، وتيار يرى اختصار الطريق على الناس وركوب مراكب الشمولية عسى ان يبعث الله فينا ديكتاتورا عادلا يملأ الارض خيرا ونماء وازدهار!!! ومن نافلة القول ان تيار الاغلبية داخل الحزب قد حسم معركته الداخلية لصالح تيار الخيار الاكثر معقولية ومنطقية وكان ان شارك الحزب الشيوعى فى كافة الديموقراطيات – على قلتها وقصرها – بهمة ونشاط نجح هنا وفشل هناك ادخل نائبا الى البرلمان مرة واحدى عشر كوكبا مرة اخرى ونائبين مرة وثلاثة مرة اخيرة – وليست آخرة ، وهكذا يقع ويقوم على هدى برنامج انتخابى صار الى ثبات اكثر، ومنهجية سياسية صارت الى رسوخ فى اذهان الناس اعمق.
وفقا لمنهجية الحزب ومبدئيته فى التعامل مع قضايا الناس، كانت دعوته الصادقة الى اطلاق سراح المعتقلين السياسيين او تقديمهم الى محاكم عادلة. بل ودعا الى عدم اعتقال الناس اصلا لاغراض سياسية. ومن ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون تتم مقاضاته امام قضائه الطبيعى، العادل.
فى الجانب الاخر من النهر كان يقف حسن الترابى وتياره الشمولى الاقصائى. يسعى ويدعو سرا وعلانية الى اعتقال الناس وتعذيبهم وتشريدهم وملاحقتهم ونفيهم بل وقتلهم فى كثير من الحالات اذا كان مستوى تفكيرهم يختلف عن مستوى التفكير الآحادى مما يقود الى تكفيرهم وبالتالى استباحة كل مايتعلق بحيواتهم فيصير دمهم ومالهم وعرضهم حلالا على اكلة السحت ومبدلى كلمات الله وفقا للهوى الشخصى والمزاج الحاكم تحت ابواب ماعرف عند تجار الدين بفقه الضرورة.
انحاز قسم من الناس الى هذا التيار وفضلت الغالبية التيار الاخر الاكثر ضمانا لديموقراطية مستدامة ومن ثم امان وسلام للبدن والعقل والمال والولد. ولاينكر الا مكابر ان الحزب الشيوعى كان من اكثر الاصوات علوا فى هكذا دعوة. ظل يرصد لها الكادر خلف الكادر والبيان يتلو البيان، يحشد الجماهير حول دعوته ويبشر بها بين قيادات الاحزاب ويستقطب لها الدعم، المحلى والاقليمى والدولى، فى همة لاتفتر.
الفرق الجوهرى بين التيارين هو ان تيار الديموقراطية يفصل بين الامور فصلا قياسيا !! مفضلا سيادة حكم القانون على البلطجة التى يتخذها الشموليين اسلوب عمل بديل عن القانون.
ولايختلف اثنان فى ان الديموقراطيين والشيوعيين لديهم اتهامات موثقة وبشهادة عدول ضد اقطاب الشمولية وسدنتها بدء من عمر البشير وليس انتهاء بحسن الترابى!! وسيتم الاحتكام الى القانون والقضاء، المكان الطبيعى لمحاسبة المجرمين. وليس من مصلحة الديموقراطية محاكمة الناس خارج القانون وعلى صفحات الجرايد وفى المنتديات،. هذا بالضبط مايريدة الشموليون!! ليعلنوا عندها افلاسنا السياسى، وسقوط دعوتنا بالضربة القاضية امام فكر ومنهج الشمولية ذاته.
ظل، ولايزال اطلاق سراح اى مواطن هو انتصار لدعوة التيار الديموقراطى، والذى يقف الحزب الشيوعى فى قلبه. وكان ولايزال اعتقال اى مواطن هو انتصار لقوى الشر المتمثلة فى تيار الشمولية والاقصاء. وعلى ارضية هكذا فهم جاءت زيارة قياديى الحزب الشيوعى لحسن الترابى حين اطلق سراحه فى المرة الاولى وعلى نفس الارضية، تجئ زيارة محمد ابراهيم نقد للرجل، تأكيدا لانتصارنا على فكره وممارسته!! واعلانا عن ان دعوتنا ليست قميصا نخلعه ساعة نشاء!! وانما هى جزء صميم من جلودنا لايمكن الانفصال عنها الا اذا قررنا الانفصال عن الحياة نفسها.
عبد المنعم الجزولى
<< Home